السبت، 2 مارس 2013

عابر سبيل في غابة خِصـْر

عابر سبيل في غابة خِصـْر

.....

شاهد الفيديو

.....
.....
قال الملك ’’دبشليم‘‘ للفيلسوف ’’بيدبا‘‘ :
وهل تسلب القيادة ممن يستحق وتـُعطى لمن لا يستحق ؟
قال الفيلسوف :
كل شيء جائز في هذه الدنيا التي يختلف فيها صنوف الناس . وقد حدث ذلك بالفعل ، مما أثار دهشة عابر سبيل في إحدى الغابات والتي تدعى ’’خِصـْر‘‘ لموقعها وسط الغابات .
فقد مر الثور عابر السبيل واسمه ’’مَنـْدَبـَة‘‘ على أخـَوان من أبناء آوى هما ’’كليلة‘‘ و ’’دمنة‘‘ ، يحرسان باب الحاكم ، فسألهما إن كان أحدهما يستأذن له الحاكم ليقابله لبعض شأنه ، ويطلب منه الأمنان ، فإن السباع بطبعها ضارية ولها زئير مخيف .
فضحك ’’دمنة‘‘ وقال :
إن غابة ’’خِصـْر‘‘ اختلفت عن عـُرف باقي الغابات ، فمن المعروف أن الأسود هم ملوك الغابات ؛ أما هنا فالغابة لها حاكم لا يأكل اللحوم ، فإنه الفيل ’’صَنـَادِق‘‘ يحكم الغابة بهدوء وروية .. وليس له طريق أو رؤية ، وخطته .. هي الاحتفاظ بحصته ، وهمه .. أن يطول حـُكمه ، ويحرسه من الضباع أربعة .. حتى لا يهاجمه فأر أو ضفدعة .
فسأل ’’مَنـْدَبـَة‘‘ :
وكيف قام هذا النظام ، وترك السباع والفهود والنمور والضباع عرش المملكة ؟
فقال ’’كليلة‘‘ :
إن العبرة ليست في القوة .. فالقوة تغلبها الحكمة .. والحكمة يغلبها الدهاء .. والدهاء يغلبه الخسة والخديعة .
نزحنا أنا و ’’دمنة‘‘ من بلاد تدعى ’’مَيون‘‘ من عدة سنين ، فسمعنا أنه منذ عشرات السنين قالوا للسباع والضباع ؛ وحوش ضارية .. تهاجم الغابة الغالية .
فزأرت السباع ، وأسرعت السباع والضباع تدافع عن أطراف غابة ’’خِصـْر‘‘ . وكانت الوحوش ؛ ما هي إلا فخاخ كبيرة لا ترحم . سجنت السباع والضباع . فحزن ملك الغابة الأسد ’’أبو شارِد‘‘ أحزاناً قوية .. وافته على الفور إثرها المنية .
وهب نمر من النمور اسمه ’’شـَرْوات‘‘ ، وقفز على العرش منادياً :
أنا البديل ، أنا فداء ’’أبو شارِد‘‘ ، أحمي حماكِ يا غابتي الخضراء .. أصحح الأوضاع فيكِ .. وأحميكِ .. من الغرباء . ويعم الخير فيكِ وأوزعه بسخاء . وتنتهي الغوغاء ، وأصادق الأعداء .. فلا عراك ولا شجار .. وننام الليل بلا أخطار .
وسكت الفيلسوف ’’بَيْدَبَا المصري‘‘ ثم قال :
أثقلت عليك يا مولاي . وعندك شئون هامة الآن . سأكمل بعدها ما أقول .. فإن شرحه سيطول ويطول
.....

ظهور كليلة ودمنة

ظهور كليلة ودمنة

.....

شاهد الفيديو

.....
.....
كان بأرض مجاورة تسمى ’’دستاوند‘‘ رجلٌ شيخٌ وكان له ثلاثة بنين . فلما بلغوا أشدهم أسرفوا في مال أبيهم ؛ ولم يكونوا احترفوا حرفةً يكسبون لأنفسهم بها خيراً . فلامهم أبوهم ؛ ووعظهم على سوء فعلهم .
وكان من قوله لهم : يا بني ؛ إن صاحب الدنيا يطلب ثلاثة أمور لن يدركها إلا بأربعة أشياء :
أما الثلاثة التي يطلب ، فالسعة في الرزق ، والمنزلة في الناس ، والزاد للآخرة .
وأما الأربعة التي يحتاج إليها في درك هذه الثلاثة :
فاكتساب المال من أحسن وجه يكون .
ثم حسن القيام على ما اكتسب منه .
ثم استثماره .
ثم إنفاقه فيما يصلح المعيشة ويرضي الأهل والإخوان ، فيعود عليه نفعه في الآخرة .
فمن ضيع شيئاً من هذه الأحوال لم يدرك ما أراد من حاجته ، لأنه إن لم يكتسب ، لم يكن مالٌ يعيش به .
وإن هو ذا مالٍ واكتسابٍ ثم لم يحسن القيام عليه ، أوشك المال أن يفنى ويبقى معدماً .
وإن هو وضعه ولم يستثمره ، لم تمنعه قلة الإنفاق من سرعة الذهاب ، كالكحل الذي لا يؤخذ منه إلا غبار الميل ثم هو مع ذلك سريعٌ فناؤه .
وإن أنفقه في غير وجهه ، ووضعه في غير موضعه ، وأخطأ في مواضع استحقاقه ، صار بمنزلة الفقير الذي لا مال له ، ثم لا يمنع ذلك ماله من التلف بالحوادث والعلل التي تجري عليه .
ثم أن بني الشيخ اتعظوا بقول أبيهم وأخذوا به وعلموا أن فيه الخير.
فانطلق أكبرهم نحو أرض يقال لها ’’مَيون‘‘ ؛ فأتى في طريقه على مكان فيه وحلٌ كثيرٌ ، وكان معه عجلةٌ يجرها ثوران ؛ يقال لأحدهما ’’شتربة‘‘ وللآخر ’’بندبة‘‘ ، فوحل ’’شتربة‘‘ في ذلك المكان ، فحاول الرجل وأصحابه إخراجه حتى بلغ منهم الجهد ، فلم يقدروا ، فذهب الرجل وترك عنده رجلاً يشارفه ؛ لعل الوحل ينشف فيتبعه بالثور . فلما بات الرجل بذلك المكان ، تبرم به واستوحش ، فترك الثور والتحق بصاحبه ، فأخبره أن الثور قد مات ؛ وقال له :
إن الإنسان إذا انقصت مدته وحانت منيته فهو وإن اجتهد في التوقي من الأمور التي يخاف فيها على نفسه الهلاك لم يغن ذلك عنه شيئاً ، وربما عاد اجتهاده في توقيه وحذره وبالاً عليه .
وأما الثور فإنه خلص من مكانه وانبعث . فلم يزل في مرج مخصب كثير الماء والكلأ ، فلما سمن وأمن جعل يخور ويرفع صوته بالخوار . وكان قريباً منه أجمةٌ فيها أسدٌ عظيمٌ ، وهو ملك تلك الناحية ، ومعه سباعٌ كثيرةٌ وذئابٌ وبنات آوى وثعالب وفهودٌ ونمورٌ ، وكان هذا الأسد منفرداً برأيه دون أخذٍ برأي أحد من أصحابه . فلما سمع خوار الثور ؛ ولم يكن رأى ثوراً ٌ ، ولا سمع خواره ، لأنه مقيماً مكانه لا يبرح ولا ينشط ، بل يؤتى برزقه كل يوم على يد جنده . وكان فيمن معه من السباع ابنا آوى يقال لأحدهما ’’كليلة‘‘ وللآخر ’’دمنة‘‘ ، وكانا ذوي دهاء وعلمٍ وأدبٍ . فقال ’’دمنة‘‘ لأخيه ’’كليلة‘‘ :
يا أخي ما شأن الأسد مقيماً مكانه لا يبرح ولا ينشط ؟
قال له ’’كليلة‘‘ :
ما شأنك أنت والمسألة عن هذا ؟ ، نحن على باب ملكنا آخذين بما أحب وتاركين لما يكره ، ولسنا من أهل المرتبة التي يتناول أهله كلام الملوك والنظر في أمورهم . فأمسك عن هذا .
قال ’’دمنة‘‘ :
ولكن اعلم أن كل من يدنو من الملوك ليس يدنو منهم لبطنه ، وإنما يدنو منهم ليسر الصديق ويكبت العدو . وإن من الناس من لا مروءة له ، وهم الذين يفرحون بالقليل ويرصون بالدون ، كالكلب الذي يصيب عظماً يابساً فيفرح به . وأما أهل الفضل والمروءة فلا يقنعهم القليل ، ولا يرضون به ؛ دون أن تسموا به نفوسهم إلى ما هم أهلٌ له ، وهو أيضاً لهم أهلٌ ، كالأسد الذي يفترس الأرنب ، فإذا رأى البعير تركها وطلب البعير ، ألا ترى أن الكلب يبصبص بذنبه ، حتى ترمى له الكسرة ، وأن الفيل المعترف بفضله وقوته إذا قدم إليه علفه لا يعتلفه حتى يمسح ويتملق له . فمن عاش ذا مالٍ وكان ذا فضلٍ وأفضالٍ على أهله وإخوانه فهو وإن قل عمره طويل العمر . ومن كان في عيشه ضيقٌ وقلةٌ وإمساكٌ على نفسه وذويه فالمقبور أحيا منه . ومن عمل لبطنه وقنع وترك ما سوى ذلك عد من البهائم .
.....

الزعامة من باب القيادة

الزعامة من باب القيادة

.....

شاهد الفيديو

.....
كنت أسمع من الحكماء قبلي ، تقول إن الملوك لها سورةٌ (علامة) كسورة الشراب ، فالملوك لا تفيق من السورة إلا بمواعظ العلماء وأدب الحكماء . والواجب على الملوك أن يتعظوا بمواعظ العلماء . والواجب على العلماء تقويم الملوك بألسنتها ، وتأديبها بحكمتها ، وإظهار الحجة البينة اللازمة لهم ، ليرتدعوا عما هم عليه من الاعوجاج والخروج عن العدل .
قال لي الملك :
ما قولك في الزعامة يا فيلسوف ؟
قلت :
الزعامة من باب القيادة ، والقائد من يُنَصَّب على جمع قليل كان أم غفير فهو قائد .
الملك قائد على شعب مملكته ، ورئيس الجند قائد على جنوده ، ... وشيخ المنصر قائد على لصوصه .
والقيادة موروثة لدى الملوك ، وقد تكون بالتنصيب لسمات البراعة والتفوق والسلوك ؛ لاحظها أولوا الأمر .. كقائد الحرس . وقد تكون شورى بالمبايعة والاختيار ؛ في الشعوب الحرة وكيانات الأحرار .. كالخليفة للمسلمين . أما القيادة المفروضة بالقوة ؛ كما في سوق الغلابة ذو الجبروت ينصب نفسه .. فتوة .
يتقرب للقائد بعض من جماعته ؛ أو يقربهم إليه ؛ حسب طموحاته وفكره وحاجته .
فإذا أراد السلطة والهيمنة ؛ اقترب منه أو قرب إليه أصحاب اليد الطولى والأشراس ، وهم بالطبع فئة لا تتميز بالكثرة ولا بالمودة ولا برقة الإحساس .
وإذا أراد المال ؛ اقترب منه أو قرب إليه أصحاب المصالح المالية ومحترفي جمع المال ؛ بأي صورة وبأي حال ، وهم منخرطون في همهم ، وليس لهم سيد غير المال فلا يقوى قائد بهم .
وقد يبحث القائد عن أوجاع جماعته وتطلعاتهم ؛ يتعلمها ويعيشها ويشعر بها ليعالجها ويخفف معاناتهم ، فيلتف حوله أغلب من في جماعته ، وبقدر شعوره بحاجاتهم يكون التفافهم حوله وشحذ همته... وهنا تأتي الزعامة .
فالزعيم قائد يستمد قوته ؛ من التفاف جماعته ، فيأخذ من حكمتهم ويجمع خبراتهم ، فيقوى بمساندتهم لمعالجة مشكلاتهم .
والملك الزعيم هو القوي بحب شعبه له ، وحرصه على مصالحهم أهم شغله .

السبت، 23 فبراير 2013

تأملات استجمعتها في خلوتي ...

تأملات استجمعتها في خلوتي ...

.....

شاهد الفيديو

.....
بعد جولتي التي قطعتها ، ومن تأملاتي التي استطلعتها....
إني وجدت الأمور التي اختص بها الإنسان ، من بين سائر عالم الحيوان أربعة أشياء ، وهي :
الحكمة والعفة ، والعقل والعدل .
والعلم والأدب والروية داخلة في باب الحكمة ،
والحلم والصبر والوقار داخلة في باب العقل .
والحياء والكرم والصيانة والأنفة داخلة في باب العفة ،
والصدق والإحسان والمراقبة وحسن الخلق داخلة في باب العدل .
وهذه هي المحاسن ،
وأضدادها هي المساوئ .
وفي مجالس الملوك ؛ قالت العلماء :
الزم السكوت فإن فيه سلامةً ، وتجنب الكلام الفارغ فإن عاقبته الندامة .
وحكى أن أربعة من العلماء ضمهم مجلس الملك ، ....
فقال لهم :
ليتكلم كلٌ بكلام يكون أصلاً للأدب .
فقال أحدهم :
أفضل خلة العلم السكوت .
وقال الثاني :
إن من أنفع الأشياء للإنسان أن يعرف قدر منزلته من عقله .
وقال الثالث :
أنفع الأشياء للإنسان ألا يتكلم بما لا يعنيه .
وقال الرابع :
أروح الأمور على الإنسان التسليم للمقادير .
واجتمع في بعض الزمان ملوك الأقاليم ؛ من الصين والهند وفارس والروم ، وقالوا ينبغي أن يتكلم كل واحد منا بكلمة ، تدون عنه على غابر الدهر ممهورة بالحكمة .
فقال ملك الصين :
أنا على ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت .
وقال ملك الهند :
عجبت لمن يتكلم بالكلمة فإن كانت له لم تنفعه ، وإن كانت عليه أوبقته .
وقال ملك فارس :
أنا إذا تكلمت بالكلمة ملكتني ، وإذا لم أتكلم بها ملكتها .
وقال ملك الروم :
ما ندمت على ما لم أتكلم به قط ، ولقد ندمت على ما تكلمت به كثيراً .

الأحد، 17 فبراير 2013

الحمد لله على سلامة الوصول

بسم الله الرحمن الرحيم
.....
الحمد لله على سلامة الوصول
.....

شاهد الفيديو

.....
لقد كنت في جولة كبيرة ، في أنحاء كثيرة
رأيت فيها العجب العجاب ، ما يخيف وما يأخذ الألباب
وجرت فيها أهوال جسام ، وأحداث وأمور عظام
رجعت وفي جعبتي الكثير ، ما يبهج وما يحزن وما يثير
كثير من الحكايات عما رأيت ، وعما سمعت وعما حضرت
في هذه الجولة الطويلة ، الزاخرة بالمشاهد المهولة
ولكني عدت مرهقاً ، إلى السكينة تائقاً
ومبللاً من الأمطار ، مغبراً من الأسفار
قدماي مثقلتان بالأوحال ، وهيئتي ليست في خير حال
فسامحوني حتى أدخل استريح ، وأطرح حملي وأبقى على الفراش طريح
في خلوتي ، في خيمتي
وسوف أقص عليكم ما رأيت ، حالما هدأت ومن نومي صحوت
بإذن الله تعالى