السبت، 9 نوفمبر 2024

موقعة الكرامة

 موقعة الكرامة

…..



…..

قال الملك ’’دَبْشـَلِيم‘‘ لرئيس الديوان :

استدعِ الفيلسوف ’’بَيْدَبـَا المصري‘‘ ليحضر الآن .

فأجاب :

سمعاً وطاعة يا مولاي .

وما هي إلا لحظات ، وإذ بالفيلسوف ’’بَيْدَبَا‘‘ يدخل الديوان . ثم قدم التحية وفروض الولاء والطاعة للملك ، فرحب به الملك لمنزلته عنده ، وأذن له بالجلوس ، وقال له :

لم تكمل يا ’’بَيْدَبَا‘‘ ما بدأته بحكاية قرية ’’خِصـْر‘‘ وحاكمها النمر ’’شـَرْوات‘‘ الذي تولى الحكم بعد الحاكم ’’أبو شارِد‘‘ ذلك السبع الذي وافته المنية ؛ لحسرته على هزيمة وحوشه في كارثة الفخاخ .

فقال ’’بَيْدَبَا‘‘ :

سمعاً وطاعةً يا مولاي … إن أول شيء يجب أن يتمتع به الحاكم ؛ هو فن القيادة ؛ إن أَجَاده تبعته رعيته ، وإلا ؛ انصرفت عنه ، وأصبح هو في واد ، ورعيته في واد آخر . وأهم نقاط هذا الفن ؛ هو الإلمام بوجائع رعيته .

وهذا النمر ’’شـَرْوات‘‘ كان له نوع خاص من الفكر ، فإنه يعلم أن لرعيته ثأراً لن تتركه مهما قابلت شراً ، وهو له رأي آخر . ولكن ليُحْسِنَ القيادة ؛ لابد أن يسـجل نقطة في رغبات رعيته ليجتذبهم إلى تيارهوبهذا الاتجاه؛ أكمل ’’كَلِيلَة‘‘ حديثه مع الثور عابر السبيل ’’مَنـْدَبَة‘‘ بعد خروجه من ديوان الحاكم ’’صَنـَادِق‘‘ ؛ فقال له :

لقد بدأ الحاكم ’’شـَرْوَات‘‘ بدفع جيش وحوش الغابة للتدريب على فنون القتال بذكاء . والتغلب على الصعاب ؛ من المصارف المائية والتراب .. والكر والصراخ ، وتجنب الفخاخ . وجعل الجيش في التدريب ؛ يتقدم ويتأخر .. ويهرول ويتبختر . حتى قيل أنه يلعب ، وأن مذاق الهزيمة السابق جعله يخشى أن يعاود الحرب ويجرب .

ولكنه على حين غفلة ؛ قفز الجيش قفزة نقلته نقلة ، محى بها ذكرى الفخاخ الأليمة ؛ التي أوقعت الأسود والضباع في الهزيمة . وأثبت بذلك أن الحرب خدعة .. ليست فقط كر وفر ؛ولكنها أيضاً حيلة ومكر . ولكن الموقعة كأي عراك ؛ فيها ضحايا كثيرة من هنا وهناك .

فسأل ’’مَنـْدَبَة‘‘  :

ومن هؤلاء المعتدين ؟

فأجاب ’’كليلة‘‘  :

إنهم حيوانات ’’سَيدْرَابِيل‘‘ أتوا بتبجح وتهويل ، وساندتهم ’’فَتْوِيكَا‘‘ بالتشجيع والتدليل … ولكن بعد هذه القفزة ؛ تسللت بعض حيوانات ’’سَيدْرَابِيل‘‘ داخل غابة ’’خِصـْر‘‘ ، ثم أوقف القتال .

وقام الحاكم ’’شـَرْوَات‘‘ الذي اعتبره البعض داهية ، واعتبره البعض خائناً لغابته والغابات الصديقة المجاورة ، فذهب قاصداً ’’سَيدْرَابِيل‘‘، ووقف بينهم يردد .. كيف أن ويلات القتال دمار على جميع الأطراف ، ولنكتف ، وننبذ العنف ، ونتحاور في نقاط الاختلاف .

فقال الملك ’’دَبْشـَلِيم‘‘  :

غريب أمر هذا الحاكم ؛ ألم يكن منتصرً .. أين ذهبت عزة وشموخ الحاكم والملوك ؛ إذا انتصر ؛ عَلا مكانة وشأنه كبر .

فقال ’’بَيْدَبَا‘‘  :

إنه يعلم أنه بانتباه ’’سَيدْرَابِيل‘‘ لما حدث في غفلة ، ومساندة ’’فَتْوِيكَا‘‘ لها في السر وفي العلن ؛ لن يجعل للنصر حفلة .. وستتأزم الأمور ، وتتجرأ على أرض ’’خِصر‘‘ وتجور .

قال الملك :

وتجرأ ووقف بين الأعداء ، كما تجرأ ووقف ضد رغبة الأصدقاء ، ولم يترك فرصة للإصغاء ، لما يتردد حوله من أصداء

قال ’’بَيْدَبَا‘‘  :

هو اعتبر نفسه منازلاً ومراوغاً في موقعة من نوع آخر .. يُخْرِج بها غابته من تعدي ’’سَيدْرَابِيل‘‘ ، ومن أقواله عن المتسللين من تقليل وتعليل . ولذا رآه البعض داهية .. والحرب كانت ثأراً وعزاً وتضحية ، لرفع الروح المعنوية ، ورد الكرامة للرعية ، {…. وَمَا النَّصْرُ إِللاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} من الآية (126) سورة آل عمران .

قال الملك ’’دَبْشَلِيم‘‘  :

أفادك الله .

…..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق