هدم العرائش والحصون
…...قال الملك ’’دَبْشَلِيم‘‘ :
وماذا بعد يا فيلسوف ؟ .. ماذا كان من أمر غابة ’’خِصْر‘‘
بعد موقعة
الثأر ؟
قال الفيلسوف ’’بَيْدَبَا‘‘ :
إن الخسيس إذا وُضِعَ في
المسئولية ، قلبها محسوبية ، واعتبر ما كُلِّف به نقطة قوة ، وأصبح من ذوي النفوذ والسطوة ، وللشر عَطِش ، وبالظلم بطش . فقد أكمل ’’كليلة‘‘ حديثه للثور ’’مَنْدَبَة‘‘ قائلاً :
تنبه الحاكم ’’شَرْوَات‘‘ ؛ لبعض المشكلات ، فبعد أن فرغ من
موقعة الكرامة ، اكتشف أن في ’’خِصْر‘‘ ؛ المساعدين انقلبوا معوقين ، ينشرون الذعر ، ويقيدون الحر ، بلا ذنب أو قضية ، سوى للمصالح الشخصية ، وبالسنين
يُترَكون ؛ في العرائش والحصون .
فجمعهم .. وقال لهم .. اتبعوا الأصول مع الرعية يا رفاق ، وانشروا الأمان وقللوا الإنفاق .
فأجمعوا أمرهم .. ليهددوا .. سنطلب الانسحاب ، ولن نعاونك وليبدأ الخراب .
فتفاجأوا بأنه رضي انسحابهم . وقال سأصحح الأوضاع ، وأرفع عن رعيتي الأوجاع ، وأهدم العرائش والحصون ، التي كانوا بها يُقَيَّدون
ويُتْرَكون . وسأختار آخرين معاونين ، من العاملين
الهادئين .
وقال .. باسمك يا رب ، لن أسكت على العيب ، ولا هتك الأستار ، وتتبُع الأسرار .
قال الملك :
هذه والله نقطة تحسب له ، فلا
أسوأ من التجسس ، وتتبع الأسرار والتلصص ، ومن يتلفظ بما لا يليق ، تلزمه وقفة حتى يتأدب ويفيق .
فقال ’’بَيْدَبَا‘‘ :
ولكن الشر ليس بسهولة ينهار ، فسيفكر في وسيلة أخرى ولن يحتار .. فقال ’’كليلة‘‘ للثور ’’مَنْدَبَة‘‘ :
دفعوا له جماعات وجماعات ، بأي شيء منددة بالصيحات.. زوجته ؛ أولى نمرات ’’خِصْر‘‘ تُراقِص الضبع الكبير حاكم غابات
’’فَتْوِيكا‘‘ ، ولا نرضى أي اتفاق مع ’’سِدْرَابِيل‘‘
، .. ومن كل ميدان شوكة وتهليل ،
لتَصْعُبَ المسيرة وتتعثر ، وتشوه مكاسب ’’خِصْر‘‘ وبالشك تتأثر .
فقال الملك :
أليسوا على حق ؟! .. فذلك لا يصح .. وهذا غير مستساغ .
فقال ’’بَيْدَبَا‘‘ :
إن لكل حاكم رأيه وحكمته ، وتسير
على نهجه سياسته ، فالحاكم ’’أبو شارد‘‘
كان يرى أن
ما أخذ بالعنف ؛ يسترد بالعنف . ولكن الحاكم
’’شَرْوَات‘‘ لا يُصَرِّح إلا بما يُلَوِّح
، وبداخله في عمق فكره ومكره ؛ إن ما أخذ
بالعنف ولا نستطيع استرداده بالعنف للخروج عن نطاق
إمكانياتنا ،
نحاول أن نسترده بالحيلة والدهاء .. فلابد من إخفاء بعض الأشياء ،وإظهار بعض الأستار . وقال
’’مَنْدَبَة‘‘ سائلاً ’’كليلة‘‘ :
وكيف استطاع الصمود ؛ في هذا الجو المشدود ، ليواصل المسيرة ، بحيَله المكيرة ؟
قال ’’كليلة‘‘ :
كان بالعنف تارة يصيح ويتوعد
ويتصعد ، وباللين تارة يجيب ؛ كأنه الأب الحبيب . حتى هدأت الأمور ، وظن أنه انتهت الشرور .
قال الفيلسوف ’’بَيْدَبَا المصري‘‘
:
أستأذنك يا مولاي الآن ، حتى لا أطيل عليك فعندك من الأمور ألوان …
فأذن له الملك بالانصراف .
…..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق